العرب بوست:

كشف معھد أمریكي للأبحاث عن بنود مبادرة روسیة لإنھاء الحرب في الیمن
وبحسب معھد "میدل إیست"، فإن المقترح الروسي یكشف اھتماماً روسیاً متعاظماً في الیمن، ورغبتھا المتصاعدة في تأسیس قاعدة
عسكریة جنوب البلاد، مستغلة علاقاتھا السیاسیة المتوازنة مع جمیع أطراف الصراع داخلیاً وخارجیاً.

 نص التقریر:
في أواخر یولیو الماضي ، التقى مسؤولون روس برئیس الوزراء الیمني معین عبدالملك سعید وممثلي المجلس السیاسي الأعلى للحوثیین،
وذلك لمناقشة سبل حل الحرب الأھلیة الیمنیة.
أكدت ھذه اللقاءات قدرة روسیا على موازنة علاقاتھا الجیدة مع كل من الحكومة الیمنیة المعترف بھا دولیاً والحوثیین، فقد أیدت موسكو
رؤیة رئیس الوزراء عبد الملك لحل سیاسي للحرب كما أبدت بعد خمسة أیام تفاھماً مشتركاً مع رؤیة الحوثیین التي انتقدت الانتشار
العسكري الأمریكي الأخیر في الخلیج العربي.
إن قدرة روسیا على الحفاظ على علاقات إیجابیة مع كلا الفصائل المتحاربة الرئیسیة في الیمن ھو نتاج لسیاسة عدم الانحیاز الاستراتیجیة
في الیمن.
وحتى اغتیال الرئیس الیمني السابق علي عبد الله صالح في دیسمبر 2017 ، حافظت روسیا على موظفیھا الدبلوماسیین في عدن
وصنعاء. كانت أیضا الدولة الوحیدة التي امتنعت عن التصویت على قرار مجلس الأمن رقم 2216 في أبریل 2015 ، حیث اعتقدت
موسكو أن القرار سیصعد الحرب الأھلیة الیمنیة من خلال فرض عقوبات على الحوثیین.
إن تمسك روسیا الثابت بسیاسة عدم الانحیاز الاستراتیجي في الیمن یعزز مصالحھا الجیوسیاسیة في الشرق الأوسط ویتركھا في وضع
جید یؤھلھا لتولي دور مھم في إنھاء الحرب الأھلیة الیمنیة. تولي موسكو اھتماماً كبیراً بالیمن وموقعھا على مفترق طرق الملاحة الدولیة
بالبحر الأحمر ومضیق باب المندب وخلیج عدن، وترید بناء قاعدة عسكریة في جنوب الیمن لتوسیع نفوذھا في منطقة ذات أھمیة
جیوسیاسیة متنامیة.
لقد برزت التطلعات الروسیة لإنشاء القاعدة البحریة على السطح في خطاباتھا الرسمیة بشأن الیمن ، منذ أعلن رئیس المجلس الفیدرالي ،
سیرجي میرونوف ، عن اھتمام موسكو المحتمل في إقامة قاعدة في عدن في عام 2008.
 یرتبط ھذا ارتباطا وثیقًا برغبتھا في توسیع نفوذھا في القرن الأفریقي.

ونظرا لأن عدن قد تعرضت ومنذ بدایة الصرع الأھلي في الیمن للسیطرة من قبل مختلف القوات: القوات الموالیة للرئیس الیمني عبد ربھ
منصور ھادي وقوات الحوثیین وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن سیاسة عدم الانحیاز الاستراتیجي تضمن لروسیا بقاء مصالحھا
آمنة ، على الرغم من التحولات في میزان القوى الداخلي في الیمن.
كما أن عدم الانحیاز الروسي في الیمن قد سمح لموسكو بموازنة العلاقات الإیجابیة مع المملكة العربیة السعودیة وإیران ، حیث یمكنھا أن

تدعم وتنتقد بشكل انتقائي سیاسیات كلا البلدین.
وقد أدت معارضة روسیا لجھود الحوثیین لتعطیل صادرات النفط التي تمر عبر مضیق باب المندب ، الى تعزیز فعالیة اتفاقیة تنظیم
أسعار النفط بین موسكو والریاض. على النقیض من ذلك ، فإن انتقاد روسیا لدعم الولایات المتحدة للتدخل العسكري السعودي في الیمن قد
عزز قوة محور موسكو-طھران ضد التدخلات العسكریة التي تدعمھا الولایات المتحدة.
ومع اقتناع المجتمع الدولي حول الحاجة إلى تسویة سلام في الیمن ، عززت روسیا موقعھا كطرف معني بالصراع، لتعزیز إستراتیجیتھا
لحل النزاعات.
تتمثل الخطوة الأولى لاستراتیجیة روسیا لإنھاء الحرب الأھلیة في الیمن في دعمھا لوقف فوري للغارات الجویة السعودیة في الیمن.
وخلال المراحل الأولى من النزاع ، شككت روسیا في مشروعیة قرار المملكة العربیة السعودیة بالتدخل في الیمن دون موافقة مجلس
الأمن التابع للأمم المتحدة ودعت إلى "ھدنة إنسانیة" تفرضھا الأمم المتحدة لوقف الغارات السعودیة.
ویتمثل المكون الثاني في الاعتراف بإیران كطرف معني وبنّاء في الصراع. في فبرایر 2018 ، اعترضت روسیا على قرار للأمم
المتحدة كان من شأنھ إلقاء اللوم على إیران في إمداد الحوثیین بالصواریخ البالیستیة ، وفي دیسمبر / كانون الأول ، أحبطت موسكو
الجھود الأمریكیة في الامم المتحدة لإدانة إیران كطرف داعم للحوثیین.
ً وصرح وزیر الخارجیة الروسي سیرجي لافروف أیضا بأن الحوار بین المملكة العربیة السعودیة وإیران شرط أساسي للسلام في الیمن ،
وأن موسكو تتشاور بانتظام مع طھران بشأن عملیة حل النزاع.
وبما أن روسیا تسعى إلى توسیع تعاونھا الدبلوماسي مع إیران خارج سیاق سوریا - وتعزیز رؤیتھا للأمن الجماعي في الخلیج العربي -
فمن المرجح أن تواصل موسكو الدفاع عن سلوك طھران في الیمن.
الجانب الثالث من خطة السلام الروسیة ھو تركیزھا الكبیر على حل الانقسامات المناطقیة في الیمن. وفي ھذا الصدد یقول عدد من
بأنھ لا یمكن حل الحرب الأھلیة الیمنیة إلا من خلال ، (IMEMO (الخبراء الروس في الیمن ، مثل نیكولاي سوركوف من معھد
مشاورات مكثفة بین الأطراف الدولیة المعنیة وزعماء الفصائل والقبائل الذین یمثلون مناطق محددة في الیمن.
وبینما حافظت روسیا باستمرار على علاقات إیجابیة مع جمیع الفصائل الرئیسیة في الیمن وأوضحت نھجا ملموسا لإنھاء الحرب الأھلیة 
لا یزال من غیر الواضح كیف ستحول موسكو ھذه الأفكار والروابط الدبلوماسیة إلى رافعة حقیقیة في الیمن.
وحول ھذه النقطة تكھن بعض المحللین ، مثل بیتر سالزبوري من معھد تشاتام ھاوس ، بأن المملكة العربیة السعودیة یمكن أن تستخدم
روسیا كوسیط خلفي للحوار مع الحوثیین أو تطلب مساعدة روسیا لوقف معركتھا في الیمن.
وعلى الرغم من أن ھذه التكھنات لم تتحقق ، إلا أن ركود محادثات السلام التي توسطت فیھا الأمم المتحدة في الیمن قد یوفر فرصة مواتیة
.لروسیا للعمل كوسیط للحوار والمساعدة في تنفیذ شروط اتفاقیة استكھولم في دیسمبر 2018
وأشاد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الیمن مارتن غریفیث باستراتیجیة التوازن الروسیة في ینایر خلال زیارتھ لموسكو في 1 یولیو ،
 قبل زیاراتھ إلى عمان والإمارات العربیة المتحدة.
ومع استمرار الأعمال العدائیة بین المملكة العربیة السعودیة والحوثیین بلا ھوادة ، وتعمیق الانقسامات المناطقیة في الیمن ، یمكن لروسیا
توسیع أدوارھا الدبلوماسیة في الیمن في الأشھر المقبلة.